الإقــــــــــرار:تعريف أركان شروط مشروعية
الإقــــــــــرار سيد الأدلة - بحث قانوني
الإقــــــــــرار
تعريف الإقرار في اللغة :
الإقرار لغة : من أقرّ بالحق إذا اعترف به ، وأذعن له ، وهو إثبات الشيء ، والاعتراف به ضد الجحود والنكران([1]) .
تعريف الإقرار في الاصطلاح :
للفقهاء في تعريف الإقرار اصطلاحاً عبارات متعددة نختار منها ما ذكره صاحب الإقناع لو جازته وشموله ؛ حيث قال : (( هو إظهار مكلف مختار ما عليه لفظاً ، أو كتابة ، أو إشارة )) ([2]) .
المطلب الثاني :
مشروعية الإقرار
الإقرار هو سيد الأدلة ، حيث لا عذر لمن أقر ، وقد جاءت نصوص التشريع من الكتاب والسنة والإجماع بإيضاح ذلك كما يلي :
فمن الكتاب :
1- قوله تعالى : (( وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً ))([3]).
2- وقوله تعالى : (( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )) ([4]) .
3- وقوله تعالى : (( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون )) ([5]) .
4- وقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) ([6]).
ومن السنة :
1- ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : (( أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في المسجد ، فناداه فقال : يا رسول الله إني زنيت ، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات ، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه صلى الله عليه وسلم فقال : أبك جنون ؟ قال : لا ، قال : فهل أحصنت ؟ قال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اذهبوا به فارجموه )) متفق عليه([7]).
2- وما رواه أيضاً أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله ، فقال الآخر ، وهو أفقه منه : فاقض بيننا بكتاب الله ، وائذن لي ، فقال : قل ، قال : إن ابني كان عسيفاً على هذا ، فزنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة ، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وأن على امرأة هذا الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغنم رد عليك ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها )) ([8]) متفق عليه .
3- وعن عمران بن حصين([9]) – رضي الله عنه – أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا ، فقالت : يا رسول الله أصبت حداً فأقمه عليّ ، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال : أحسن إليها ، فإذا وضعت فأتني بها ، ففعل ، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشدت عليها ثيابها ، ثم أمر بها فرجمت ، ثم صلى عليها )) رواه مسلم([10]) .
وأما الإجماع :
فقد حصل الاتفاق على قبول الإقرار ، وأنه حجة على المقر حيث عمل به الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا ، ولم ينكر ذلك أحد ، فكان إجماعاً([11]).
المطلب الثالث :
أركان الإقرار وأهم شروطه
أركان الإقرار أربعة هي :
1- الصيغة : وهي لفظ ، أو ما يقوم مقامه ، يدل على توجه الحق قبل المقر ، ولا خفاء بصرائح ألفاظه مثل أقر وأعترف ، ويقوم مقام اللفظ الإشارة والكتابة والتصديق([12]) .
2- المُقِرُ : وهو من صدر منه الإقرار على نفسه ، ويشترط فيه أن يكون بالغاً([13])، عاقلاً ، مختاراً ، غير متهم ، فإن أقرَّ على نفسه وهو على هذه الحال لزمه ما أقرَّ به([14]).
3- المقر له : وهو من أقر له بالحق ، ويشترط فيه أن يكون ممن يثبت له الحق فيكون أهلاً للاستحقاق حالاً أو مآلاً ، وأن لا يكذب المقر في إقراره([15]).
4- المقر به : وهو الحق الذي يذكره المقرّ ، ويشترط أن لا يكون محالاً عقلاً أو شرعاً ، وأن يصح أن يقضى به([16]).
المطلب الرابع
الأحكام المترتبة على الإقرار إجمالاً
1- الإقرار إذا صدر عن المقر مكتمل الشرائط ، فإنه يكون لازماً ، وهو أبلغ من الشهادة ، لأنه قول للمرء على نفسه ، فيكون أوجب من دعواه على غيره([17]) .
2- إذا وجد الإقرار منتفياً عن الشبهة ، فإنه لا يقبل رجوع المقر عن إقراره الذي صدر منه إلا فيما كان حداً لله تعالى يدرأ بالشبهة، ويحتاط لإسقاطه ، فإنه يقبل فيه الرجوع ، وأما سائر الحقوق التي لله أو لعباده ، فإنه لا يقبل فيها الرجوع عن الإقرار([18]) .
3- الإقرار حجة مقصورة على المقر ، لا يتعداه إلى غيره ، فإن أقر عن غيره لم يقبل إقراره منه ولا يكون لازماً كإقراره في عبد زيد أنه لعمرو ، فلا يقبل إقراره ، ويكون شاهداً لغيره([19]).
4- إذا وجد الإقرار من المقر ، فإنه يؤخذ كاملاً بجميع جزئياته ، ولا يترك بعضه ، وذلك لأن الإقرار لا يقبل التبعيض([20])، كما لو أقر بأن في يده دابة ، ولكنها آيلة له بالشراء ، وليست مستولدة في ملكه ونحو ذلك .
الإقــــــــــرار سيد الأدلة |
([1]) الصحاح 2/790 ، لسان العرب 5/84-88 ، مادة قرَّ .
([2]) الإقناع 4/456 ، وانظر شرح منتهى الإرادات 3/569 ، وحاشية ابن عابدين 8/350.
([3]) سورة البقرة ، الآية : 282 .
([4]) سورة آل عمران ، الآية : 81 .
([5]) سورة البقرة ، الآية : 84 .
([6]) سورة النساء ، الآية : 135 .
([7]) صحيح البخاري مع شرحه الفتح ، كتاب الحدود ، باب رجم المحصن 12/120 ، وصحيح مسلم بشرح النووي ، كتاب الحدود ، باب من اعترف على نفسه بالزنا 11/192 .
([8]) صحيح البخاري مع شرحه الفتح ، كتاب الحدود ، باب الاعتراف بالزنا 12/136 ، وصحيح مسلم بشرح النووي ، كتاب الحدود ، باب من اعترف على نفسه بالزنا 11/205.
([9]) هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي ، أبو نجيد ، أسلم عام خيبر ، وكان فاضلاً ، وقضى بالكوفة ، مات سنة 52 هجرية بالبصرة ، تقريب التهذيب 429 .
([10]) صحيح مسلم بشرح النووي ، كتاب الحدود ، باب من اعترف على نفسه بالزنا 11/204.
([11]) المغني 7/262 ، وكشاف القناع 4/291.
([12]) انظر : تبصرة الحكام 2/51 ، والمغني 7/336 .
([13]) ويستثنى من ذلك الصبي المأذون له ، فإنه يصح إقراره في قدر ما أذن له فيه ، انظر المغني 7/263.
([14]) انظر : المغني 7/262، 263 ، وتبصرة الحكام 2/53 .
([15]) انظر : المغني 7/266، وتبصرة الحكام 2/53 .
([16]) انظر: تبصرة الحكام 2/54-55 .
([17]) تبصرة الحكام 2/51 .
([18]) المغني 7/278 .
([19]) تبصرة الحكام 2/53 .
([20]) المغني 7/282 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق